“هل تعلم ماذا قال آينشتاين بخصوص الإبداع؟”

“هل تعلم ماذا قال آينشتاين بخصوص الذكاء؟”

“هل تعلم أن العلماء قد شرحوا دماغ آينشتاين؟”….

و غيرها و غيرها من الجمل اليومية، التي يتم نشرها يومياً و بشكل فظيع، على المواقع الالكترونية، و على الفيسبوك، و المواقع العلمية، حتى أصبح مجرد ذكر اسم “آينشتاين” كفيلاً بجعل أي مقال يستحق القراءة..

النقطة على الشكل التالي:
لماذا هذه الضجة الهائلة حول آينشتاين؟ ألم تنجب البشرية سواه عالماً أو مفكراً يحتذى به؟ ألم تنجب البشرية من هم بمستواه العلمي، إن لم يكن أكثر؟ فما هو سبب هذه الجلبة الهائلة حوله؟

المشكلة، أننا على الدوام، نبحث عن شخصية شهيرة، محبوبة، صاحبة تأثير، كي نجعل منها أيقونة، نذكرها عند كل نقاش، و نتشبث بها عند كل فكرة…

بالعودة لآينشتاين، فلا أحد ينكر عبقريته، أو علمه و إبداعه، و لكن، هل نستطيع القول أن إسهامات اسحق نيوتن بمجال الميكانيك و الثقالة تقل عن إسهامات آينشتاين؟ هل نستطيع القول أن إسهامات جيمس ماكسويل بمجال الكهرطيسية (و التي بدونها كان من المستحيل أن يقدم آينشتاين شيئاً مما قدم) تقل مثلاً عما قدمه آينشتاين؟ هل إسهامات نيلز بور و هايزنبرغ و باولي بمجال الميكانيك الكمومي تقل مثلاً؟ ما رأيك بريتشارد فاينمان الذي قدم للعلم الحديث نظريات أصبحت حجر أساس و بمجالات مختلفة، من الالكترودنياميك الكمومي إلى تقانة النانو و غيرها، أو إسهامات فرانك ويلتشيك الذي قدم النموذج المعياري الحديث للفيزياء الجسيمية، و الذي يعتبر إلى اليوم أكثر النظريات الفيزيائية شمولية و كمالية! ما رأيك بالباكستاني عبد السلام و ستيفن واينبرغ الذين تمكنوا لأول مرة من توحيد القوى الكهرطيسية و النووية الضعيفة؟ أين هؤلاء من الحكم و الأمثال و الإعجاب؟؟

نعود للمشكلة الأساس، نحن لا نعلم سوى أن آينشتاين هو صاحب الفكر الفيزيائي الحديث، لأن هذا ما نقله لنا الإعلام، و هذا ما مجدته لنا الكتب، فما رأيك لو عرفت أن آينشتاين حتى لحظة مماته قد حارب التفسيرات الكمومية لسلوك الذرة؟ و التي أثبتت فيما بعد نجاحها على أفكاره؟

لا أحد يقلل من قيمة العالم، و لا ما قدمه، إلا أن حالة الوهم و التأليه التي أصبحت ترافقه، وصلت لحدود الإزعاج، و أصبحت الأفكار و الأقوال المنتشرة حوله بمنزلة الأساطير، و لم يعد من قصص و روايات سوى قصص و روايات آينشتاين، و هذا بحد ذاته، خطأ و تقصير حقيقي بحق علماء عديدين، قدموا، ما قدمه آينشتاين، إن لم يكن أكثر، و المؤسف أكثر، هو تعلق العالم كله بهذا الشخص، بمثل هكذا زمن، يستطيع به الإعلام أن يروج لمن يشاء، و أن يشوه من يشاء.

فكرة و إعداد: ماريو رحال
تصميم الصورة: منير عفيفي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *