فوياجر 1 يستكشف منطقة محيرة وغريبة عند حافة النظام الشمسي
في الصورة المقابلة: نموذج لحافة النظام الشمسي وفق المعلومات الحالية. من المرجح أن تتم إعادة تخطيطها بفعل استكشافات مركبة فويجر 1، حين يصل العلماء إلى فهم ماهيتها بالتحديد.
لم يكف مركبة فوياجر مجدا أنها أبعد شيء صنعه الإنسان عن الأرض، بل هي الآن تدخل منطقة جديدة عند حافة النظام الشمسي حيرت الفيزيائيين، و وجودها نفسه غير متوقع أبدا وفق النظريات الحالية.
منذ إطلاق فوياجر 1 و توأمها فوياجر 2 منذ 36 سنة قامت المركبتان بجولة غير مسبوقة لاستكشاف الكواكب الخارجية لتأتيا بنتائج مذهلة من خلال رحلتهما. و قد بدأت المركبة الأولى رحلة خروجها من النظام الشمسي سنة 1980، و هي الآن على مسافة منا تعادل 120 مرة مسافة الأرض عن الشمس.
و قد اعتقد العلماء في البداية بان انتقال فوياجر إلى هذا المجال من الكون، حيث المؤثرات من بقية المجرة أكثر وضوحا، سيكون تدريجيا ومملا. لكن ثبت ان الامر أكثر تعقيدا من كل ما كان الباحثون يتخيلونه.
يقول الفيزيائي ستراماتيوس كريميجيس Stamatios Krimigis من مختبر جامعة جوبز هوبكنز لعلم الفيزياء التطبيقية، ان نماذج تصورنا قدرتها على توقع سلوك المناطق التي وصل اليها المسبار كلها غير صحيحة وانهم لا يملكون خارطة طريق موثوقة عن ما يمكن توقعه حاليا.
تنتج الشمس بلازما من الجسيمات المشحونة تسمى الرياح الشمسية، و تهب بسرعة تتجاوز سرعة الصوت من الغلاف الجوي للشمس لتتجاوز مليون كم / ساعة. يتم طرح بعض من هذه الأيونات إلى الخارج بنسبة تصل إلى 10 في المئة من سرعة الضوء. هذه الجسيمات تحمل أيضا المجال المغناطيسي الشمسي.
في نهاية المطاف، يعتقد أن هذه الرياح تصل الى الفضاء ما بين النجوم، و هو عبارة عن تدفقات مختلفة تماما من الجسيمات تقذف من الانفجارات القاتلة من النجوم الضخمة. و تعرف هذه الأيونات ذات الطاقة العالية التي تنشأ في تلك الانفجارات بالأشعة المجرية الكونية، و هي في معظمها تمنع من الدخول للنظام الشمسي بفعل الرياح الشمسية. و يعتقد أيضا أن للمجرة نفسها مجالا مغناطيسيا ذي زاوية انحناء كبيرة بالمقارنة مع المجال المغناطيسي للشمس.
يعلم الباحثون أن فوياجر 1 دخلت حافة الرياح الشمسية في عام 2003، عندما أشارت معدات المركبة الفضائية أن الجسيمات حولها أصبحت سرعتها دون صوتية، حيث تتباطأ بعد السفر بعيدا عن الشمس. ثم، قبل نحو سنة، كل شيء كان هادئا حول المركبة. وأشارت معدات فوياجر 1 ان الرياح الشمسية تناقصت فجأة بعامل 1،000، مستوى لا يمكّن من الكشف عنها تقريبا. حدث هذا التحول بشكل سريع للغاية، في فترة تقدر ببضعة أيام.
في نفس الوقت أشارت القياسات إلى زيادة في نسبة الأشعة الكونية المجرية، “كما توقعنا عند الخروج من الرياح الشمسية”، وفق قول عالم الفيزياء إيد ستون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، رئيس مشروع فوياجر و أحد مؤلفي البحث الذي تم نشره في مجلة ساينس. يبدو تقريبا و كأن فوياجر 1 قد خرجت من نطاق تأثير الشمس.
فما هي المشكلة إذا ؟ حسنا، باعتبار أن الرياح الشمسية اختفت تماما، ينبغي أن تتدفق الأشعة الكونية المجرية من كل الاتجاهات. بدلا من ذلك وجدت فوياجر أنها تأتي بشكل تفضيلي من اتجاه واحد. وعلاوة على ذلك، على الرغم من أن الجسيمات الشمسية قد تناقصت، فإن القياسات لا تشير الى تغير حقيقي في المجالات المغناطيسية من حوله. و هو أمر يصعب تفسيره، كون المجال المغناطيسي للمجرة مائل ب 60 درجة عن المجال المغناطيسي للشمس، حسب ما هو متصور.
في الحقيقة لا احد يعرف ما يجري. “إنها مفاجأة عظيمة” تؤكد عالمة الفلك ميراف أوفر من جامعة بوستن، التي لم تشارك في البحث. ان القياسات مثيرة ورائعة، ومن المتوقع ان تثير نقاشات العلماء النظريين لبعض الوقت، تضيف العالمة.
“بمعنى ما فقد وصلنا إلى الوسط الواقع بين النجوم” تقول اوفر. ” لكننا ما زلنا داخل منزل الشمس “.
و إن شئنا مد هذا التناظر، فكأن فوياجر تصورت أنها على وشك الخروج من المجموعة الشمسية، لتجد نفسها في بهو منزل الشمس حيث أحد الأبواب المفتوحة على الخارج يسمح بدخول الرياح من المجرة. العلماء لم يكونوا فقط غير قادرين على توقع وجود هذا البهو، بل إنهم لا يعرفون كم سيلزم من الوقت لكي يغادره المسبار فوياجر، فقد يتطلب الأمر بضعة شهور أو سنوات ليصل إلى الفضاء البينجمي، وفق تصور ستون.
و يضيف “لكن قد يحدث ذلك في أي يوم.. ليس لدينا أي نموذج يحدد لنا ذلك”. لم تغادر المركبة المجموعة الشمسية، بل فقط المنطقة التي تهيمن فيها الرياح الشمسية، يؤكد ستون.
أما كيريميجيس Krimigis فهو لا يرغب في توقع ما قد تواجهه فوياجر حيث أن النماذج النظرية لم تسعفنا كثيرا لحد الآن.
وقال “أعتقد أن خيال الطبيعة يتجاوز خيالنا”
ترجمة : Jamal Novelty
مراجعة و إضافات: منير عفيفي
المصدر : http://www.wired.com/wiredscience/2013/06/voyager-unexpected-region