نجم يبدو أقدم من الكون!

هابل يضع شهادة الميلاد لأقدم النجوم المعروفة

الصورة المقابلة هي للنجم “مَتُّوشَلَخَ” Methuselah الأقدم في الكون حسب معارفنا الحالية، و قد تم التقاطها من طرف المرصد الأنجلو أسترالي.

ملخص: هذا النجم المدعو HD 140283 يطرح بالفعل جدلية ما إذا كنا مخطئين في تحديد عمره، فقد أبدى هذا النجم و رغم كل التحسينات في القياس من قبل هابل عمرا يبلغ حوالي 14.5 مليار سنة، و هذا يفوق أو هو من نفس مرتبة عمر كوننا. هذا النجم يقع في هالة مجرتنا درب التبانة، و المقال يحاول أن يطرح هذا الأمر و يناقشه، و ربما علينا انتظار تلسكوب جيمس ويب، الذي سيتم إطلاقه سنة 2018، كي تحل المشكلة.
قام فريق من الفلكيين بالاعتماد على تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا بالقفز خطوة مهمة جدا و الاقتراب من اكتشاف شهادة الميلاد لنجم تواجد منذ زمن سحيق.
و يقول هاورد بوند من جامعة بنسلفانيا و معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور: ” لقد وجدنا أن هذا أقدم النجوم المعروفة و التي قمنا بتحديد عمرها بشكل جيد”.

و يمكن أن يكون عمر النجم حوالي 14.5 مليار سنة (زائد أو ناقص 0.8 مليار سنة), و هذا للوهلة الأولى يجعله أكبر عمرا من الكون المحدد بعمر يبلغ حوالي 13.8 مليار سنة, و هي معضلة واضحة.
و لكن التقيرات الأولية للمراقبات التي تعود إلى عام 2000 اعطت عمرا للنجم يبلغ 16 مليار سنة. و هذا المجال من العمر يمثل احتمالا لوجود معضلة لعلماء الكون. و يقول بوند:” ربما علم الكون خاطئ, الفيزياء النجمية خاطئة, أو أن بعد النجم خاطئ”. و يتابع بوند قائلا: “لذلك يتعين علينا تحسين البعد”.

إن تقديرات هابل الجديدة للعمر تخفض من مجال عدم التحديد في القياس, بحيث أن عمر النجم يتداخل مع عمر الكون- و الذي تم تقديره بشكل منفصل من خلال حساب معدل توسع الكون, و هو تحليل الخلفية الراديوية للنفجار الأعظم, و قياسات التفككات الإشعاعية.
إن نجم (Methuselah), و المصنف بـ HD 140283, معروف منذ حوالي أكثر من قرن بسبب حركته السريعة عبر السماء. إن المعدل العالي للحركة هو دليل على أن النجم ببساطة عبارة عن زائر لجوارنا النجمي. إن مداره يحمله إلى مستوي مجرتنا من الهالة القديمة للنجوم التي تحيط بدرب التبانة, و في النهاية سوف يرمى من جديد إلى الهالة المجرية.

هذا الاستنتاج يعود إلى العام 1950 و تم التوصل إليه من قبل الفلكيين الذين كانوا قادرين على قياس النقص في العناصر الثقيلة في النجم مقارنة مع نجوم أخرى في جوارنا المجري. تعتبر نجوم الهالة من أول الساكنين في مجرتنا و تمثل مجتمعة التوزع الأقدم بين النجوم مثل شمسنا, و التي تشكلت لاحقا في القرص. هذا يعني أن النجم تشكل في وقت مبكر جدا من الزمن قبل أن يتلوث الكون بشكل كبير بالعناصر الأثقل و التي صيغت داخل النجوم بواسطة تفاعلات الاندماج النووي. (للنجم Methuselah فقر بمحتوى العناصر الثقيلة بشكل أكبر من شمسنا و النجوم الأخرى في جوارنا الشمسي بمقدار 1\250).
هذا النجم, و الموجود في مراحله المبكرة جدا من حيث الدخول في طور العملاق الأحمر, يمكن رؤيته بالاعتماد على المناظير و بقيمة لمعان تبلغ 7 في كوكبة ليبرا.

إن براعة هابل في المراقبة تم استخدامها من أجل تحسين قياس بعد النجم, و الذي بدا 190.1 سنة ضوئية. أكد بون و فريقه هذه النتيجة من خلال استخدام الاختلاف في المنظر المثلثي, و فيه يتغير الموقع الظاهري للنجم حسب التغير في موقع الراصد. و نشرت النتائج في مجلة الفيزياء الفلكية في 13-2-2013.
إن الاختلاف في المنظر للنجوم القريبة يمكن قياسه من خلال مراقبة هذه النجوم من نقطتين متعاكستين على مدار الأرض حول الشمس. و بعد ذلك يمكن و بشكل دقيق حساب البعد الصحيح للنجم عن الأرض من خلال علم المثلثات.
و حالما يتم حساب البعد الصحيح, يمكن حساب القيمة الدقيقة للمعان الفعلي للنجم. إن معرفة اللمعان الفعلي للنجم هو أمر أساسي في تقدير عمره.

قبل أن تتم مراقبات هابل, قام القمر الصناعي هيباركوس التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بإيجاد القياس الدقيق للاختلاف في موقع النجم الظاهري, و لكن مع مجال للايقين في عمر النجم بلغ ملياري سنة. قام واحد من حساسات الاستشعار الدقيقة الثلاث الموجودة على هابل بقياس موقع النجم. و تبين أن هذا القياس متطابق تقريبا مع القياس للاختلاف في الموقع الذي تم من قبل هيباركوس. و لكن دقة هابل أفضل بخمس مرات من هيباركوس. عمل فريق بوند على تقليص مجال اللايقين في تقديرات العمر و بالتالي العمر المقدر للنجم كان أكثر دقة بحوالي خمس أضعاف.

و من خلال المعالجة الأفضل للمعان النجم, قام فريق بوند بتحسين و صقل عمر النجم من خلال تطبيق النظريات المعاصرة حول معدل احتراق النجم, التركيزات الكيميائية, و البناء الداخلي. الأفكار الجديدة التي تقول بوجود الهليوم و انتشاره عميقا في قلب النجم بحيث أصبح يمتلك كمية من الهيدروجين أقل للاحتراق بواسطة الاندماج النووي. هذا يعني أنه يستخدم الوقود بشكل أسرع و هو ما يقلص من تقدير عمره.

أيضا, النجم يملك معدلات أعلى من المتنبأ بها لنسبة الأكسجين إلى الحديد, و هو ما يخفض عمره بشكل كبير. و يقول بوند أن القياسات اللاحقة للأكسجين يمكن أن تخفض من عمر النجم أكثر, لأن النجم سيكون قد تشكل في مرحلة متأخرة من الزمن عندما كان الكون أغنى من حيث التركيز بالأكسجين. إن تخفيض الحد الأعلى للعمر سوف يجعل من عمر النجم و بشكل واضح أكثر شبابا من الكون.

يقول بوند: “ضع كل هذه المكونات معا و سوف تحصل على عمر 14.5 مليار سنة, مع عدم تحديد متبقي يجعل من عمر النجم منسجما مع عمر الكون”. يتابع بوند: ” هذا هو النجم الأفضل في السماء من أجل حسابات العمر الدقيقة بفضل قربه و لمعانه “.
شاهد هذا النجم العديد من التغيرات على مدى حياته الطويلة. و على ما يبدو أنه ولد في مجرة قزمة بدائية. المجرة القزمة في النهاية تداخلت و امتصت من قبل مجرة درب التبانة قبل 12 مليار سنة.

حافظ النجم على مداره الطويل من هذا الحدث الوحشي. لذلك, يقوم فقط بالمرور في الجوار الشمسي بسرعة مشابه لصخرة بحوالي 800000 ميل في الساعة. و يحتاج فقط ل 1500 سنة لاجتياز قطعة من السماء بعرض زاوي يبلغ حجمه البدر. معدل الحركة الزاوية الصحيحة للنجم سريع جدا (0.13 ميليثانية قوسية في الساعة ) بحيث أن هابل لا يستطيع متابعة حركته بشكل دقيق عن طريق الصور لعدة ساعات.

ترجمة: Feynman Physik
مراجعة: منير عفيفي

المصدر:
http://www.nasa.gov/mission_pages/hubble/science/hd140283.html

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *