للتذكير : إن اختبار تورينج هو طريقة لتحديد ما إذا كان الحاسوب قادراً على التفكير مثل الإنسان أم لا. إنها طريقة لتحديد ما إذا كان البرنامج ذكياً ام لا. ويعتبر الحاسوب ذكياً إن استطاع تقليد رد فعل الإنسان في ظروف محددة.

في عام 1936، أظهر آلان تورينج أن كافة أجهزة الكمبيوتر هي ببساطة مظاهر من الهندسة المنطقية الكامنة، بغض النظر عن المواد المصنوعة منها. رغم أن معظم الكمبيوترات المألوفة لنا مصنوعة من مادة السيليكون شبه الموصلة، وقد صنّعت أجهزة كمبيوتر أخرى من الحمض النووي DNA، الضوء، مكعبات التعمير legos (المكعبات الصغيرة التي تركب فوق بعضها لبناء شكل ما وكانت تستخدم كألعاب للصغار)، الورق، والعديد من المواد الأخرى غير التقليدية.

الآن في دراسة جديدة، بنى العلماء جهاز كمبيوتر مصنوع من العضلات الاصطناعية التي هي نفسها مصنوعة من مواد بوليميرية ناشطة كهربائياً electroactive polymers. إن الحاسوب العضلي الاصطناعي هو مثال لأبسط آلة تورينج عالمية معروفة وعلى هذا النحو فهي قادرة على حل أي مشكلة حسابية تعطى وقتا كافياً و ذاكرة كافية. بإظهار أن العضلات الاصطناعية يمكنها أن “تفكر”،الدراسة تمهّد الطريق لتطوير روبوتات اصطناعية ذكية تحاكي الحياة ويمكنها أن تتأقلم مع البيئات المتغيرة.

المؤلفين، بنيامين مارك أوبراين و ايان الكسندر اندرسون في جامعة أوكلاند في نيوزيلندا,، نشروا دراستهم عن حاسوب العضلات الاصطناعية في العدد الأخير من “رسائل الفيزياء التطبيقية”( Applied Physics Letters).

قال اوبراين :”على حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيع كمبيوتر من عضلات اصطناعية، وما يجعله مثيراً هو أنه يمكن ادخال التكنولوجيا في الصلب مباشرة و بشكل وثيق لتشكل جزء لا يتجزأ من أجهزة العضلات الاصطناعية، ومانحة إياها ردود فعل شبيهة بالواقع. على الرغم من أن جهاز الكمبيوتر الخاص بنا لديه وحدات صعبة (بيتات bits) ، فإن هذه التكنولوجيا في الأساس سهلة ومرنة، وهو أمر تناضل من أجله أساليب الحساب التقليدية”.

هذا الكمبيوتر العضلي الصناعي تم تصميمه بهندسة ستيفن ولفرام 2،3 للالات الذكية، والتي هي أبسط آلة تورينج المعروفة عالميا. وهو يتألف من جهاز رئيسي يقرأ الرموز المخزنة على الشريط، ومن ثم ،بالاعتماد على الرموز والحالة الخاصة به (0 أو 1) ، يتّبع مجموعة من التعليمات التي تُحدِّد ما يكتب و ما يخزّن. إنها آلة مثالية لأنها بسيطة. نظرياً يمكن للباحثين أن يَحُلّوا أي مشكلة حسابية باستخدام 13 عضلة فقط.

من خلال التوسيع والتعاقد، تُنفّذ العضلات الاصطناعية مجموعة متنوعة من الآليات التي تشارك في عملية الحوسبة. على سبيل المثال، تدفع العضلات عناصر الانزلاق (sliding elements) إلى موضعها، وتُستخدَم عناصر انزلاق لترميز البيانات. واستُخدِمت أيضا عضلات اصطناعية لصناعة مجموعة التعليمات التي يستخدمها الجهاز الرئيسي لاتخاذ القرارات. في هذه الحالة، عندما تتوسع العضلة، فإنها تضغط مفتاح التحويل (switch)، فتُسبّب في توصيل الشحنة.

في نسخته الحالية، يعتبر الحاسوب العضلي الاصطناعي كبير الحجم (حوالي 1 متر مكعب) و بطيء جداً (0.15 هرتز). ومع ذلك، أظهر الباحثون أنه يمكن تطوير التسلسل الصحيح للعمليات الحسابية للتجاوب مع اختبار وحدات الادخال ، ويتوقعون أن يتحسن أداء الكمبيوتر بشكل كبير. في المستقبل، يريد الباحثون أيضا التحقق ما اذا كان هذا النوع من الكمبيوترات قادراً على الأداء بشكل أفضل في حال تم استخدام الهندسة التناظرية بدلا من الهندسة الرقمية.

وعموما، فإن الايضاحات التي يمكن أن تُحدثها العضلات الاصطناعية من ناحية الحساب و”التفكير” لها آثار مستقبلية على الأطراف الاصطناعية و الروبوتات اللينة. بواسطة الاستشعار ، الحوسبة، والحركة، قد تعطي العضلات الاصطناعية لهذه الأجهزة القدرة على التلائم مع بيئات معقدة وغير محددة، كما ستمنحها ردود فعل مثل العضلات الحقيقية التي نراها في الطبيعة.

وقال اوبراين: “اذا نظرتم إلى الحياة سترون هذه القدرات والهياكل المذهلة” الأخطبوط، على سبيل المثال، ولديه عضلات متقنة للغاية ذات حرية مطلقة في التحرك. إن مثل هذه العضلات ستكون عظيمة للروبوتات، ولكن هناك تحد كبير في كيفية السيطرة عليها، درجات الحرية يمكن أن تطغى على المتحكّم المركزي.ا لأخطبوطات ليس لديها مشكلة اذ تتوزع خلاياها العصبية في جميع أنحاء أذرعها. مع منطق العضلات الاصطناعية، قد نصبح في يوم من الأيام قادرين أن نفعل الشيء نفسه”.

ويعتزم الباحثون على اتخاذ العديد من الخطوات من أجل الوصول إلى هذه الأهداف.
يقول او براين :” نود في المستقبل تصغير هذه التكنولوجيا لجعلها أسرع ومحمولة أكثر ، ونودّ تطوير المواد التي تستمر لفترة أطول، وجعل جهاز الكمبيوتر ليّن بكثير؛ نسعى لاستكشاف بنيات تماثلية وبناء روبوتات ليّنة مجهزة بجهاز كمبيوتر مدمج.
و أيضا قام الباحثون مؤخرا بتشكيل شركة تدعى Stretch Sense ، تقوم بصناعة حساسات لاسلكية صغيرة (أجهزة استشعار) للتمدد باستخدام تكنولوجيا العضلات الاصطناعية. على أمل أن يتم تسويق العضلات الاصطناعية الحاسبة في المستقبل بشكل جيد.

الصورة: رسم توضيحي للآلة (Wolfram’s “2, 3” Turing machine) أبسط آلة تورينج معروفة عالميا قادرة أن تحل أي مشكلة حسابية. رأس الآلة يقرأ الشريط ، يقرر ما يجب القيام به استنادا إلى البيانات التي يراها زوداً على حالتها الداخلية (1 أو 0)، ثم يكتب البيانات ويتحرك خطوة إلى اليسار أو اليمين. أنجز الباحثون هذه الآلة تورينج باستخدم عضلات اصطناعية لتساعد في أداء مهام المنطق و وظائف الذاكرة.
الائتمان : المعهد الأمريكي للفيزياء © 2013 .

ترجمة: مجد وهبي
مراجعة أولى: E.K
مراجعة ثانية: رضوان تشي
تصميم: مارك ساركو

المصدر:

https://phys.org/news/2013-03-artificial-muscle-universal-turing-machine.html

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *