خطر النيازك
العالم يتنبه للخطر القادم من الفضاء المحدق بكوكبنا و يتخذ التدابير لتلافي كوارث محتملة
تقدر شدة اصطدام النيزك عام 1908 بما يساوي 10 ميجاطن من المتفجرات، وقد قام بتحطيم ما يقرب من 80 مليون شجرة بقطر أميال من مركز الاصطدام.
النيزك الذي مر بسماء روسيا بيوم الجمعة الموافق 15 فبراير 2013، يقدر وزنه بـ10 أطنان. وقد انفجر بقوة قنبلة نووية فوق جبال الأورال، والتي تقع على بعد 5000 كيلومتر غرب تونغوسكا.
المقدمة:
يمكن لأحد الصخور من الفضاء بحجم أكبر من الذي انفجر كقنبلة نووية بسماء روسيا أن يهبط من السماء بدون إنذار بأي وقت ويدمر مدينة بأكملها. وبعكس ما يظهر بأفلام هوليود، علماء العالم وقاداته العسكريون لا يستطيعون فعل شيئ حيال ذلك.
لكن بعض رواد الفضاء السابقين، يريدون منح العالم فرصة للمقاومة.
فهم يأملون أن المصادفة الكونية التي حدثت بيوم الجمعة – مرور كويكب طوله 46 متراً بالقرب من الأرض بعد ساعات من دخول النيزك البالغ طوله 15 متراً سماء روسيا – ستجذب الانتباه للمخاطر التي تكمن بالفضاء الخارجي وتقودنا للعمل الحقيقي، كنظام كشف وتتبع أفضل للكويكبات.
“ابتداء من اليوم، سيعير الناس الأمر اهتماما أكبر” قال هذا راستي شفيكارت الذي كان على متن أبولو 9 بعام 1969، وساعد على تأسيس مؤسسة B612 المعنية بحماية الكوكب، و و قد حذر ناسا لسنوات لبذل المزيد من الجهد والمال لرفع حالة التأهب تجاه الكويكبات.
تهدد النيازك الأرض طوال الوقت، و هي قطع من الكويكبات والمذنبات تدخل للمجال الجوي للأرض. لكن كثير منها، إن لم يكن معظمها، أصغر من أن تكتشف من على بعد بالأدوات المتاحة الآن لعلماء الفلك.
يقدر النيزك الذي تحطم فوق جبال الأورال أنه أقوى 20 مرة من القنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما أثناء الحرب العالمية الثانية. لقد حطم آلاف النوافذ وترك أكثر من 1000 جريح في شيليابينسك، وهي مدينة تعداد سكانها مليون شخص. ومع ذلك، لم يره أحد آتيا، مع أنه كان بحجم حافلة.
“إنه كويكب صغير” قال هذا عالم الفلك بول تشوداس الذي يعمل ببرنامج “الأجرام القريبة من الأرض” Near-Earth Object Program بوكالة ناسا في باسيدينا بولاية كاليفورنيا، وأضاف “سيكون باهتاً جداً ويصعب كشفه، ليس من المستحيل كشفه، لكن هذا أمر صعب.”
أما بالنسبة للكويكب الأكبر منه بثلاثة أضعاف والذي اندفع بقرب كوكب الأرض لاحقاً بيوم الجمعة، ماراً بقرب الكوكب بشكل أقرب من بعض الأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات، فلم يكتشفه علماء الفلك بإسبانيا إلا منذ عام مضى. و قد كان الأوان قد فات على مبادرة وقائية – مثل إطلاق مركبة فضائية لتغير مساره – لو أنه كان بمسار للاصطدام بكوكب الأرض.
الكويكب 2012 DA14، كما هو معروف، مر بسلام على بعد 27,599 كيلومتر من كوكب الأرض، بسرعة 28,001 كيلومتر بالساعة، أي 8 كيلومتر بالثانية الواحدة.
يعتقد العلماء أن هناك ما بين 500 ألف إلى مليون كويكب قريبة من الأرض يقرب حجمها من الكويكب DA14 أو أكبر منه. لكن تمت مشاهدة أقل من 1% من هذا العدد. قام علماء الفلك بوضع 9,600 منها فقط في جدول، ويبلغ طول 1300 منها أكثر من 970 متراً.
تقول ناسا، يدخل غلاف الأرض الجوي أكثر من 100 طن من الصخور الفضائية يومياً، يبلغ معظمها حجم حبة الرمل، ويحترق معظمها قبل وصوله إلى سطح الأرض.
قال جيم غرين ، مدير العلوم الكوكبية بوكالة ناسا عن النيزك في روسيا “تحدث هذه الكرات النارية مرة واحدة باليوم تقريباً، لكننا لا نراها، لأن معظمها يسقط فوق المحيط أو بمناطق غير مأهولة. وكان هذا النيزك استثناءً”.
وقد انفجر كويكب بطول 30 إلى 40 متراً فوق سيبيريا عام 1908 ودمر 2,137 كيلومتر مربع من الغابة، بينما النيزك الذي يعتقد أنه أفنى الديناصورات منذ 65 مليون عاماً، كان بحجم عملاق يبلغ طوله 9.6 كيلومتراً.
قال شفيكارت أن فرصة ضرب أحد هذه النيازك الكبيرة كوكب الأرض بدون إنذار هي “منخفضة للغاية، في غاية الانخفاض حتى أنها سخيفة. لكن النيازك الأصغر مختلفة تماماً” وحذّر قائلاً: “إن اصطدم بنا أحدها، فعلى الأغلب لن نعرف شيئاً عنه قبل أن يصطدم بنا.”
قال شوداس أن النيزك الذي ضرب روسيا “و كأن أمنا الطبيعة ترينا ماذا يمكن أن يفعل نيزك صغير، أو بالغ الصغر.”
يشير كل هذا إلى الحاجة إلى المزيد من التمويل لتتبع الأجرام القريبة من الأرض، تبعاً لشفيكارت و رائد الفضاء السابق بالمحطة الفضائية ومكوك الفضاء والذي يرأس الآن مؤسسة B612، إد لو.
منذ بضع سنوات نصح شيفكارت و آخرون وكالة ناسا بإطلاق برنامج سيكلف 250 مليون دولار سنوياً لدراسة الكويكبات و العمل على خطة لتحويل مسارها.
و قد أشاروا إلى أنه بعد 10 سنوات من جدولة الكويكبات، يمكن أن تهبط ميزانية البرنامج إلى 75 مليون دولار.
رثى إد الأمر قائلاً “للأسف، لم تأخذ ناسا بأي من نصائحنا، لذا فالنتيجة أن بدلاً من إنفاق 250 مليون دولار سنوياً والعمل بهذا الأمر بنشاط، ناسا الآن تنفق 20 مليون… إنه مبلغ زهيد.”
قال النائب لامار سميث، الجمهوري ورئيس لجنة العلوم والفضاء والتكنولوجيا بالكونجرس “تذكرنا أحداث اليوم بشكل صارخ أننا محتاجون للإنفاق بعلوم الفضاء.”وطلب جلسة استماع بالأسابيع القادمة.
بيل كوك، رئيس مكتب البيئات النيزكية بمركز مارشال للطيران بالفضاء التابع لوكالة الناسا الواقع في هانتسفيل بولايا ألاباما، قال بأن وكالة الفضاء تأخذ تهديدات الكويكبات على محمل الجد، وأنفقت الكثير من المال للبحث عن طرق لاكتشافها بشكل أفضل. الانفاق السنوي على الكشف عن الكويكبات بناسا ارتفع من 4 ملايين منذ عدة سنوات إلى 20 مليون دولار الآن.
قال كوك “اعترفت ناسا أن الكويكبات والنيازك والحطام بالمدار تشكل مشكلة أكبر مما توقع أي شخص منذ عقود مضت.” مؤسسة B612 الخاصة بشفيكارت – المسماة تيمناً بالكويكب في رواية أنطوان دي سانت أكسوبيري “Le Petit Prince” – ترفض الانتظار على الهامش وتجمع لمهمة تمول من القطاع الخاص لإطلاق تلسكوب يعمل بالأشعة تحت الحمراء والذي سيوضع بمدار الشمس لاصطياد وتتبع الكويكبات. وقد حذّر شفيكارت من أن الاحتياج إليه لا يمكن الاستهانة به. و قال “إن الواقع يختلف عن أفلام مثل Armageddon و Deep Impact. حيث سيحتاج العلماء لمعرفة اقتراب كويكب قاتل للأرض قبلها بـ15 أو 20 أو حتى 30 عاماً للمباشرة في حملة تحويل مسار الكويكب” وأضاف “لأن وصول سفينة الفضاء للكويكب سيتطلب وقتاً طويلاً لدفعه بعيداً، ولهذا يجب أن نجد هذه الكويكبات الآن”.
ترجمة: Darth Vader و Übermensch
مراجعة: منير عفيفي
المصدر: http://phys.org/news/2013-02-space-hours-danger.html