الفوتون – كم الضوء أو الإشعاع الكهرومغناطيسي – عادةً نعتبره كجسيم عديم الكتلة ولكن بعض النظريات تعتبر كتلته صغيرة ونتيجة لذلك يمكن للفوتون أن يتحلل لجسيم أولي أخف وزناً.

والآن إذا اعتبرنا أن تحلل الفوتون شيء ممكن حدوثه، فما هي حدود عمر الفوتون؟ هذا هو السؤال الذي طرح عبر فيزيائي من ألمانيا، و الذي قدر أقل حدود لعمر الفوتون بـ 3 سنوات حسب مرجعية الفوتون والتي تترجم بحوالي 10^18 سنة أرضية (أي 1 يليه 18 صفرا).

الفكرة في أن الفوتون له عمر محدود، و بالتالي كتلة محدودة، هو أمر من الصعب تخيله، وبنظرة علماء الفلك للكائنات الكونية البعيدة، فهم يكشفون أن الفوتونات موجودة من مليارات السنين!

تقترح بعض النظريات أن الفوتون له كتلة سكونية غير معدومة، وإن كانت صغيرة جداً، و بفضل تجارب الحقل الكهربائي والمغناطيسي، فقد تم تحديد أقصى حد لكتلة الفوتون هو 10^-18 الكترون فولت او 10^-54 كغ، وبتلك الكتلة الصغيرة يستطيع الفوتون التحلل إلى جسيمات أولية أخف وزناً مثل النيترينو ومضاد النترينو أو حتى الجسيمات الغير معروفة، و التي تقع ما بعد النموذج المعياري للفيزياء الجسيمية. (ملاحظة: في فيزياء الجسيمات، فدوماً ما يشار لكتلة الجسيم باستخدام واحدات طاقية، أهمها “الالكترون فولت ev”).

و الآن جوليان هيك Julian Heek من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية بألمانيا اتجه للملاحظات الكونية بحثاً عن علامات تحلل الفوتون.

لقد بحث في الموجات الميكروية للخلفية الكونية CMB: Cosmic Microwave Background (بقايا من الانفجار العظيم عندما كان الكون حديث النشأة، و تحديداً كان عمر الكون حوالي 380 الف سنة و أقل)، و قبل ذلك الوقت، المادة والإشعاع كانوا متصلين جوهرياً ولكن الكون خضع لفترة من النمو الهائل والتمدد سُميت بفترة التضخم، البلازما الساخنة للالكترونات ونواتها الخفيفة، قد بردت لدرجة كافية للسماح بتشكيل الذرات المعتدلة، وهذه العملية من فك الارتباط بين المادة والإشعاع سمحت فجأة للفوتونات بالسفر بحرية عبر الكون.

عبر الزمن امتدت أطوالهم الموجية بتمدد الكون لتترك بعض التوهج الخافت من الإشعاع بمنطقة طيف الأشعة الميكروية ( انبعاث منتظم من الطاقة الحرارية للجسم الأسود ) التي يمكن اكتشافه اليوم في كل اتجاه.

قامت المجموعة المسؤولة عن إشعاع الخلفية الكونية للأشعة الميكروية بدراسة أكثر من 100 تجربة تشمل القمر الصناعي المكتشف للخلفية الكونية لناسا COBE: Cosmic Background Explorer، و حديثاً أيضاً تم الاستعانة بمعطيات مهمة بلانك، التابعة للوكالة الأوربية لعلوم الفضاء، و في الواقع، فإن الطيف المقاس عبر تجارب CMB هو أفضل قياس لطيف جسم أسود تم حتى الآن في الطبيعة.

استخدم هيك الطيف كقيد لحساباته، فقد استخدم بيانات فائقة الدقة من مهمة القمر الصناعي الخاص بناسا COBE: Cosmic Background Explorer – مكتشف الخلفية الكونية – وقارنها بنتائج حساباته بالطيف والتي تضمنت تحلل الفوتون.

لو أنه كان للفوتون كتلة ويتحلل لجسيمات أخف فإن كثافة عدد الفوتونات في تجربة CMB يجب أن تقل لأن الفوتونات تتحرر، و هو الأمر الذي يعني بدوره أن طيف CMB لن يناسب المنحني الحراري شبه المثالي بعد الآن.

يفكر هيك بأنه طالما CMB تقريبا جسم أسود مثالي فإن قليل من الفوتونات إن وجُدت ستتحلل خلال 13.8 مليار سنة من وجود الكون وعليه فإن طيف CMB سيعوق قياسات مدة حياة الفوتون.

باستخدام كلاً من الكتلة وقيود CMB قدر هيك فترة حياة الفوتون خلال تصوره الخاص ب 3 سنوات ولكن بما أن الفوتونات بكتلتها الضئيلة تسافر بسرعة الضوء تقريباً فيجب قياس تمدد الوقت للحصول على فترة حياة الفوتون بالنسبة لمرجعيتنا بالضوء المرئي وتم حسابها بـ 10^18 سنة أرضية.

قد يكون من الصعب التأكد من هذا الحد حتى نتحقق من عمر الكون، و ربما يتحقق ذلك عبر دراسات مستقبلية.

ترجمة: هبة مصطفى
مراجعة وتصميم : ماريو رحال

المصدر:
shorturl.at/iqBK0

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *