ورقة بحثية تشكك في مبدأ اللايقين

علماء يشككون في صحة مبدأ اللايقين لهايزنبرغ

مبدأ اللايقين، الذي وضعه عالم الفيزياء فيرنر هايزنبرغ، يعتبر حجر أساس في ميكانيكا الكوانتا. في تعبيره الأكثر بساطة، يقول هذا المبدأ أنه من المستحيل قياس أي شيء دون إحداث تغيير فيه. مثلا محاولة تحديد موقع جسيم يؤدي إلى تغيير سرعته بشكل عشوائي.

المبدأ كان مصدر قلق للفيزيائيين لقرن كامل، حتى وقت قريب، حيث استطاع باحثون من جامعة تورونتو قياس مدى التشويش و يثبتوا أن هايزنبرغ كان متشائما أكثر من اللازم.

صورة لثلاثة من مؤسسي نظرية الكوانتا (أو نظرية الكم)، من اليمين إلى اليسار: وولفغانغ باولي، فيرنر هايزنبرغ، و نيلز بور

“لقد صنعنا جهازا لحساب خاصية الاستقطاب لفوتون واحد. ثم أردنا أن نقيس إلى أي مدى يسبب ذلك الجهاز اضطرابا في خاصيات الفوتون” يقول لي روزيما، مرشح لنيل درجة الدكتوراه في جامعة تورونتو..
“للقيام بذلك، سيكون علينا قياس الفوتون قبل أن نعرضه على الجهاز، و لكن هذا القياس نفسه سيؤدي إلى اضطراب للفوتون” يضيف روزيما.
لتجاوز هذه العقبة، استعمل روزيما و زملاؤه تقنية تسمى “القياس الضعيف” حيث يكون تأثير جهاز القياس على ما يتم قياسه ضعيفا جدا. قبل مرور الفوتون على الجهاز تم استعمال هذه التقنية أولا، ثم قيست الخاصية (الاستقطاب) مرة أخرى و تمت مقارنة النتائج. ما وجدوه هو أن الاضطراب الحاصل جراء عملية القياس أقل مما تتوقعه معادلة هايزنبرغ التي تحدد دقة القياس أو الاضطراب.
“كل محاولة أعطتنا معلومة محدودة جدا عن الاضطراب، و لكن بتكرارها العديد من مرات أصبح لدينا تصور جيد جدا عن مقدار اضطراب الفوتون” يقول روزيما.
هذا الاكتشاف ينضاف إلى اعتراضات حديثة على مبدأ هايزنبرغ من طرف علماء في العديد من مناطق العالم. عالم الفيزياء ماساناو أوزاوا من جامعة ناغويا في اليابان وضع افتراضا بأن مبدأ هايزنبرغ لا يعمل بالنسبة للقياسات، و لكنه لم يقترح سوى وسيلة غير مباشرة لتأكيد ذلك تجريبيا. و قد تم إثبات ذلك باعتماد طريقته من طرف مجموعة يوجي هاسيغاوا من جامعة فيينا للتكنولوجيا. في عام 2010، بين العالمان أوستين لند و هاوارد وايزمان من جامعة غريفيث أن تقنية القياس الضعيف يمكن استعمالها لتحديد سمات نظام كوانتي معين. و لكن كانت هنالك عدة عقبات كان ينبغي تجاوزها، حيث أن فكرتهم تتطلب فعليا صنع حاسوب كوانتي صغير، و هو ما يبقى أمرا صعبا.
“في الماضي كنا قد عملنا على تقنية القياس الضعيف بالإضافة إلى تقنية أخرى تسمى “الحوسبة الكوانتية في الحالة العنقودية” لتبسيط عملية بناء الحواسيب الكوانتية. دمج هاتين الفكرتين أدى بنا إلى إدراك إمكانية تطبيق فكرة لند و وايزمان في المختبر”، يقول روزيما.
من المفترض عادة أن مبدأ اللايقين لهايزنبرغ ينطبق على اللايقين الفعلي الذي لا بد أن يميز أي نظام كوانتي، و أيضا على القياسات. هذه النتائج تثبت عدم صحة ذلك، و تبين درجة الدقة التي يمكن الوصول إليها بالاعتماد على تقنية القياس الضعيف.
“النتائج تجبرنا على إعادة صياغة تصورنا عن الحدود التي تضعها ميكانيكا الكوانتا على القياسات” يقول روزيما. “هذه الحدود مهمة لأسس النظرية، كما أنها ضرورية لتطوير تكنولوجيا “التشفير الكوانتي” التي تعتمد على مبدأ اللايقين لضمان أن أي متطفل سيتم ضبطه نظرا للاضطراب الذي ستحدثه محاولة قياسه”.
“عالم الكوانتا لا يزال عامرا باللايقين، و لكن على الأقل محاولاتنا للنظر إليه لن تضيف قدرا من اللايقين كالذي كنا نتصوره!”
الاكتشاف تم عرضه في ورقة البحث “خرق علاقة هايزنبرغ بين الدقة و الاضطراب عن طريق القياس الضعيف”. البحث تم تمويله من طرف المجلس الكندي للبحث العلمي و الهندسة، و المعهد الكندي للأبحاث المتقدمة.

المصدر:

http://www.sciencedaily.com/releases/2012/09/120907125154.htm

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *