البحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية

تاريخ مختصر للتنبؤات و الاكتشافات

منذ أن تنبأ عالم الفلك و الفيلسوف جيوردانو برونو[1] (الذي أعدمته الكنيسة حرقا سنة 1600) بوجود مجموعات شمسية أخرى بها كواكب شبيهة بكواكبنا، ما فتئ العلماء يناقشون و يتجادلون حول هذه المسألة، و قد طرح نيوتن أيضا هذه الإمكانية في كتابه Principia Mathematica في النصف الثاني من القرن السابع عشر[2].

و لكن لم يتم الكشف عن أول كوكب خارج مجموعتنا الشمسية إلا سنة 1988، من طرف الباحثين بروس كامبل، ج. وولكر، و ستفينسون يانغ، و لم يتم تأكيد هذا الكشف بشكل نهائي إلى أن سمحت التكنولوجيا بذلك سنة 2003.[3]

و منذ ذلك الحين استمر العلماء في اكتشاف كواكب من مجموعات شمسية أخرى تباعا، ليصل عددها إلى يوم كتابة هذا الموضوع إلى 866 كوكبا مؤكدا، و ما يربو على 2700 كوكب لم يتم تأكيد وجودها بصفة نهائية.[4]

أحد الأهداف الأساسية للبحث عن كواكب خارج المجموعة الشمسية هو إيجاد كواكب شبيهة بالأرض، من حيث الحجم، الموقع من مجموعتها الشمسية، وجود مجال مغناطيسي، و غير ذلك من الخصائص التي قد تدل على امتلاك ذلك الكوكب لمناخ شبيه بالأرض و حياة أيضا، إضافة إلى دراسة كواكب لها خصائص فريدة قد لا نجدها في كواكب مجموعتنا الشمسية.

لهذا الغرض قامت وكالة ناسا بإطلاق “مهمة كبلر” في 7 مارس/آذار 2009، و هو تلسكوب فضائي هدفه هو البحث عن كواكب شبيهة بالأرض في جوارنا النجمي (أي في جزء صغير محيط بنا من مجرة درب التبانة)، و ستستمر مهمته إلى سنة 2016.[5] و قد استطاعنا بواسطته اكتشاف عدد من الكواكب ذات خصائص شبيهة بكوكبنا إلى حد ما، منها آخر اكتشاف تم الإعلان عنه البارحة (18 أبريل 2013)[6]، و لكن لا يزال البحث مستمرا لإيجاد توائم أفضل للأرض.

و تستعمل حاليا ست طرق مختلفة لإيجاد الكواكب خارج المجموعة الشمسية[7]، و لا تعمل جميعها بالضرورة في جميع الحالات، و هي:

1/ المراقبة المباشرة.
2/ القياسات الفلكية.
3/ مفعول دوبلر.
4/ توقيت النجم النابض.
5/ تذبذب اللمعان.
6/ مفعول عدسة الجاذبية المايكروي

و سنحاول الحديث بالتفصيل عن هذه الطرق الستة في الجزء الثاني من هذه السلسلة عن الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية. لمعرفة المزيد عن تاريخ التصورات العلمية و الفلسفية لما هو خارج مجموعتنا الشمسية، يمكنكم بالخصوص الاطلاع على الشريط الزمني على موقع ناسا (بالانجليزية).[1]

كيف يتم الكشف عن كواكب تدور حول شموس أخرى؟

1/ المراقبة المباشرة Direct Observation

تعتبر هذه الطريقة المثلى، و لكن الأمر شديد الصعوبة في أغلب الأحيان لأن الضوء المنعكس عن كوكب في مجموعة شمسية أخرى يطغى عليه ضوء النجم الذي يدور الكوكب حوله. و لكن سيتغير ذلك غالبا مع تطور تكنولوجيا التلسكوبات في السنوات القادمة. يوجد عدد قليل من الكواكب التي اكتشفت بهذه الطريقة و جميعها بأحجام تتجاوز حجم المشتري، أكبر كوكب في مجموعتنا الشمسية.[8][10]

2/ القياسات الفلكية Astrometry

تسمى دراسة المواقع الدقيقة للأجرام السماوية بمجال القياسات الفلكية . نتصور دائما أن كوكبا يدور حول نجمه، و لكن الواقع هو أن الكوكب و النجم معا يدوران حول مركز ثقل مشترك، و باعتبار أن كتلة النجم تكون هائلة بالمقارنة مع الكواكب التي تدور حولها، يقع مركز الثقل دائما قريبا من مركز النجم، ما يعني أن مدار النجم يكون صغيرا جدا مقارنة مع مدار الكوكب. و لكن يمكن قياس هذا المدار الناجم عن “جر” الكوكب لنجمه، بمراقبة حركة النجم على مدى زمني معين. وجود و قوة عملية الجر هاته و كيفيتها تحدد وجود و كتلة الكواكب التي تدور حول النجم.[8][10]

3/ مفعول دوبلر Doppler effect

تعتمد هذه الطريقة أيضا على كون الكوكب و النجم يدوران حول مركز ثقل مشترك. إذا كان مستوى المدار عرضيا بالنسبة لنا، سيبتعد النجم عنا قليلا ثم يقترب و هكذا دواليك خلال دورانه حول مركز الثقل. إذا كان جسم ما يقترب منا يكون الضوء الوارد منه مائلا إلى الزرقة، بينما يميل إلى الحمرة إذا كان يبتعد عنا، و يسمى ذلك بمفعول دوبلر. هذا المفعول ينطبق على الصوت أيضا؛ فلو كنت على جانب الطريق و مرت سيارة ستحس بالاختلاف في الصوت عند اقترابها مقارنة مع صوتها و هي تبتعد.

و عن طريق الكشف عن تغيرات الموجات الضوئية الواردة من النجوم تم اكتشاف معظم الكواكب خارج المجموعة الشمسية لحد الآن.[8]

4/ توقيت النجم النابض Pulsar Timing

النجم النابض هو نجم قديم جدا ذو كثافة عالية، يرسل شعاعا كهرمغناطيسيا لا يمكن رؤيته إلا عندما يواجه الأرض، و بشكل منتظم (مثل الفنار)، و هو بذلك قد يصلح كساعة دقيقة. عند وجود كوكب يدور حول نجم نابض نجد تفاوتا ضئيلا في انتظام دورانه يمكن حسابه و تحديد ما إذا كان هنالك كوكب و بعض الخصائص التي تميزه. لا تستعمل هذه الطريقة كثيرا لأن احتمال وجود الحياة كما نعرفها على كوكب يدور حول نجم نابض ضئيل للغاية، بينما العلماء مهتمون بالعثور على كواكب شبيهة بالأرض على الخصوص.[8]

5/ تذبذب اللمعان Brightness variations

إذا مر كوكب بين نجمه و المشاهد على الأرض، فإن ضوء النجمة الأم يخفت قليلا حيث يحجبه الكوكب. هنالك عدد من الكواكب التي اكتشفت بهذه الطريقة مثل الكوكب التابع للنجم HD209458، و قد خفت ضوؤه بمقدار 0.1% و لبضعة ساعات فقط.[8]

6/ مفعول عدسة الجاذبية المايكروية Gravitational microlensing

تعتمد هذه الطريقة على حسابات معقدة في إطار نظرية النسبية لآينشتاين، و تتلخص في أنه عند مرور نجمة ما بين نجمة أخرى و الأرض، تعمل الأولى كعدسة جاذبية بفعل انحناء الضوء الوارد من الثانية حول الأولى، ما يؤدي إلى تركيز أشعة الضوء تلك و جعل صورة النجمة الخلفية أكبر و أوضح. تم اقتراح هذه الطريقة سنة 1991، و لكن لم يتم تأكيد الكواكب المكتشفة بواسطتها إلا في السنوات الأخيرة.[8][9][10]

هنالك طرق أخرى للبحث عن كواكب في مجموعات شمسية أخرى و لكنها إما غير مؤكدة بشكل تام أو تتشابه في مبدئها مع الطرق المذكورة أعلاه.[10]

إعداد و تحرير: منير عفيفي
ترجمة الصورة: منير عفيفي

المصادر:

[1]
ويكيبيديا: http://en.wikipedia.org/wiki/Giordano_Bruno
شريط زمني على موقع ناسا: http://www.nasa.gov/externalflash/PQTimeline/

[2]
ويكيبيديا: http://en.wikipedia.org/wiki/Extrasolar_planet#History_of_detection
الصورة المرافقة بنسختها الأصلية موجودة في هذا الكتاب: http://tinyurl.com/c967fs2

[3]
ورقة البحث: http://adsabs.harvard.edu/abs/1988ApJ…331..902C

[4]
لائحة مفصلة و كاملة للكواكب التي تم الكشف عنها خارج مجموعتنا الشمسية: http://exoplanet.eu/catalog/


موقع تابع لناسا، مخصص لمشاريع البحث عن كواكب خارج مجموعتنا الشمسية: http://planetquest.jpl.nasa.gov/

[5]
ويكيبيديا: http://en.wikipedia.org/wiki/Kepler_%28spacecraft%29
موقع مهمة كبلر التابع لناسا: http://kepler.nasa.gov/

[6]
اكتشاف كوكبين الأكثر شبها بالأرض لحد الآن: http://news.nationalgeographic.com/news/2013/04/130418-exoplanets-earth-planets-science-space-kepler-nasa/

[7]
ست طرق لإيجاد الكواكب خارج المجموعة الشمسية: http://curious.astro.cornell.edu/question.php?number=670

[8]
http://curious.astro.cornell.edu/question.php?number=670

[9]
http://www.astro.cornell.edu/academics/courses/astro201/microlensing.htm

[10]
http://en.wikipedia.org/wiki/Methods_of_detecting_extrasolar_planets

[11]
http://en.wikipedia.org/wiki/Pulsar

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *