إلكترونيات الأودية: نمط جديد من الالكترونيات المبنية على الألماس!

تم الكشف مؤخراً عن ابتكار جديد في مجال العلوم الالكترونية، حيث وضح فريق من الباحثين بجامعة أوبسالا في السويد، عن إمكانية استخدام الرقم الموجي الكمومي Quantum Wave Number للالكترونات في المواد الكريستالية، من أجل بناء طريقة جديدة لترميز و نقل المعلومات، مما يفتح باباً جديدة أمام مستقبل العمليات الحاسوبية، و ربما أملاً جديداً لبناء الحواسيب الكمومية.

ففي الدارات الالكترونية التقليدية، يتم ترميز بتات المعلومات (أصفار أو واحدات) عبر تحديد حالة الشحنات الكهربائية: فعند وجود الشحنات فهذا يعني حالة (1) منطقي، و عند غيابها فهذا يعني (0) منطقي، و من أجل الوصول لتطبيقات حاسوبية سريعة، فإن عمليات وجود/غياب الشحنات الكهربائية يجب أن تتم بمعدلات سريعة جداً، كي يتم تأمين سرعات الحوسبة المطلوبة، إلا أن هذه المعدلات السريعة من وجود/غياب الشحنات، ستصل لقيمة حدية لا يمكن تجاوزها، بسبب الاستطاعة الحرارية المصروفة، و التي ستحد من السرعة التي يمكن للنظام أن يصل إليها.

الحل البديل، هو استخدام خاصية الكترونية أخرى بدلاً من الشحنة، و ذلك في سبيل ترميز المعلومات، و مؤخراً فقد أجريت بعض الدراسات من أجل استخدام خاصية عزم الدوران الذاتي للالكترون (السبين Spin) لإنتاج نمط جديد من الالكترونيات يعرف بـ “الالكترونيات السبينية Spintronics”.

و مؤخراً، فإن ماقام به الباحثون في جامعة أوبسالا – تم نشر بحثهم في العديد الأخير من مجلة Nature Materials- هو استخدام الرقم الموجي الكمومي للالكترونات في مادة كريستالية. و هذا سيقود لعمليات حوسبية فائقة السرعة بالترافق مع معدلات استهلاك طاقة أقل، و ما أظهره الباحثون في جامعة أوبسالا (بقيادة البروفيسور يان ايزبرغ Jan Isberg) هو أنه يمكن توليد، و نقل و الكشف عن الالكترونات عند رقم موجي محدد لأحد أودية الألماس عند درجة حرارة 77 كلفن.

و الفكرة الأساسية هنا، أن الالكترون ينتقل في المواد الكريستالية بصورة موجية، و هذه الأمواج يمكن توصيفها عبر أرقام كمومية متعددة، منها العزم الكريستالي و عزم الدوران الذاتي (السبين Spin)، و في الخلاء، فإن الالكترون يكتسب طاقته الأصغرية عند عزم معدوم، و لكن في المواد الكريستالية (كالألماس) فالأمر مختلف قليلاً، فالالكترون سيكتسب طاقته الأصغرية عند قيمة معينة و محدودة للعزم، و هذه القيمة يستطيع أن يأخذها على طول اتجاهات معينة ذات تناظر عالي ضمن الكريستالة. هذه الحالة التي سيكتسب بها الالكترون قيمة أصغرية للطاقة عند قيمة معينة للعزم، هي حالة بقائه بـ “وادي الكريستالة”، و عند درجات حرارة منخفضة، فإن الالكترون سيبقى مقيماً بهذه الأودية ذات الطاقة المنخفضة، و التي يبلغ عددها 6 أودية بالنسبة للألماس.

المواد الأخرى مثل السليكون و الغرافين، تمتلك أيضاً “أودية” مشابهة، و لكن الأمر المميز بالألماس هو أن الالكترون سيبقى مدة طويله بهذه “الأودية”: حوالي 300 نانو ثانية، و هي مدة طويلة بما فيه الكفاية كي تكون مناسبة من أجل تطبيقات العمليات الحاسوبية، و إن التشابه بالمفهوم مع الالكترونات السبينية يعني أن لهذا النمط الجديد من الالكترونيات – الكترونات الأودية – سيكون له دور كبير في المستقبل بصناعة الحواسيب الكمومية.

” إن عمليات مشاهدة الالكترون و استقراره ضمن وادي محدد و لمدة طويلة و بطريقة يمكننا عبرها أن نصنع هذه الحالات، هو خطوة هامة باتجاه تصنيع الأجهزة المعتمدة على تقنية الكترونات الأودية Valleytronics Devices، و نحن نأمل أن يتم إثبات بحثنا الجديد على أنه خطوة أولى باتجاه تصنيع أجهزة متكاملة مبنية على تقنية الكترونات الأودية في الألماس”. كما يقول يان ايزبرغ، بروفيسور الهندسة الكهربائية في جامعة أوبسالا.

في العقود الأخيرة، فقد تم التركيز على أنماط كربونية جديدة من المواد، مثل أنابيب الكربون النانوية و الغرافين، كي تشكل حلاً بديلاً لاستخدام السليكون في صناعة الدارات و النظم الالكترونية، و بالنسبة للألماس، فهو معروف بشكل كبير بسبب خواصه الميكانيكية المتميزة التي أشهرها قساوته العالية، إلا أن الكثيرين لا يعرفوا خصائص أخرى للألماس، مثل ناقليته الحرارية العالية (تفوق ناقلية النحاس بـ 6 مرات)، فضلاً عن إمكانية قولبته ليشكل مادة نصف ناقلة بحيث يصبح ناقل كهربائي.

الخواص الفيزيائية للألماس، بالإضافة للتطور الكبير في مجال معالجته للحصول على كريستالات عالية النقاوة و الجودة، قادا لزيادة الاهتمام بإمكانية استخدام الألماس في مجال الالكترونيات، الضوئيات، و الالكترونيات السبينية، و قد تم اقتراح أن الألماس يمثل المادة المستقبلية في مجال التطبيقات الميكانيكية الكمومية، نظراً لطول زمن استرخاء عزم الدوران الذاتي به، و نظراً لخواصه الضوئية و عرض مجال الطاقة به.

و يبقى القول، أن استخدام الكترونيات الأودية المبنية على الألماس و ما تحمله من خواص، يضيف طريقاً جديداً و احتمالاً آخر لبناء و تحقيق الحواسيب الكمومية المبنية على الألماس.

ترجمة: ماريو رحال

المصدر:
http://phys.org/news/2013-07-valleytronics-electronics-diamond.html

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *